علامة توفيق الله للعبد
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد :
عباد الله : إن الله عزوجل خلق الخلق لطاعته ومحبته ومرضاته ، والله سبحانه يحب من عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، ولا يرضى لعباده الكفر ، والله سبحانه لايأمر بالفحشاء والمنكر ، وأعظم نعمة على العبد وهي النعمة التي لا توازيها نعمه أن هداه للإسلام والعيش في بين المسلمين والتنعم بأحكام وشرائع هذا الدين .
ولكن ياعباد الله المؤمن يعيش في هذه الدنيا وهو يخاف من فتنها ومن تقلباتها ، ويخشى على نفسه الفتنة والزيغ بعد الهدى فاللهم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وخاصةً أيها المسلمون بعد أن فُتح على المسلمين من وسائل اللهو والعبث والاتصال ما فتح .
ولهذا كان حريا على المسلم في خضم هذه الفتن والمشغلات أن يتلمس مرضاة الله وتوفيقه ويتعرف على علامات الله لتوفيق الله لعبده فإن كانت فيه فليحمد الله ولْيَثْبُت ويزداد منها وإن لم تكن فيه تدارك نفسه وأكثر منها .
ومما يجعل لطرح مثل هذا الموضوع أهميةً كبرى: اختلالُ موازين كثير من الناس، وظنُّهم أن من توفيق الله للعبد هو أن تفتح له الدنيا وإن ضيع أمر دينه وآخرته ، وهذا من الجهل المركب بدين الله وبكتاب الله وسنة مصطفاه ، وعليه فإن من تأمل كتاب الله وسنة رسوله الكريم وتدبرهما حق التدبر يجد أن من علامات توفيق الله للعبد ما يلي :
أولاً:
إن أعظم ما يمكن أن يكون من علامات التوفيق هو التوفيق للعمل الصالح عموماً على اختلاف أنواعه بدنيا أو مالياً أو قولياً والله عزوجل بين أن الطاعة والتوفيق لها هو الفوز العظيم فقال سبحانه : ( ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً)، وجاء في الحديث الصحيح عنه أنه قال : ( إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قالوا يا رسول الله وكيف يستعمله قال يوفقه لعمل صالح قبل موته) وجاء أيضا في الحديث عنه : (عن أبي بكرة أن رجلا قال يا رسول الله أي الناس خير قال من طال عمره وحسن عمله قيل فأي الناس شر قال من طال عمره وساء عمله).
ثانياً :
أن يوفق العبد لطلب العلم الشرعي والتفقه في دين الله ومن سلك طريق العلم فإنه على خير كثير فقد جاء في الحديث الصحيح عنه أنه قال : (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ).
ثالثاً :
التوفيق لنشر الخير والدعوة إلى الله وإصلاح الناس فإن هذه مهمة الأنبياء والرسل وقد قال الله عزوجل : (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ) وإن من توفيق الله للداعية والذي ينشر الخير أن يدعوهم للأصل العظيم والأمر الأول الذي لأجله خلقت السموات والأرض وهو الدعوة إلى توحيد الله والتي كانت أساس دعوة الأنبياء والرسل عليهم السلام لأن الدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك ووسائله مما يحبه الله عزوجل لأن التوحيد أعظم ما يطاع الله به في هذه الأرض والشرك أعظم عصي الله به في الأرض كما صح عنه أنه سئل أي الذنب أعظم قال : (أن تجعل لله نداً وهو خلقك ) وفقنا الله وإياكم للدعوة إلى توحيده ومحاربة الشرك وأهله إنه ولي ذلك والقادر عليه سبحانه .
رابعاً :
أن يوفق العبد للتوبة من الوقوع في المعاصي حتى لو تكررت منه ، أو يحال بينه وبين المعاصي فلا يستطيع أن يصل إليها فإن هذا من علامة التوفيق والسداد وإرادة الله به خيراً كما قال جل وعلا والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً ) ، والله عزوجل يفرح بتوبة عبده نسأل الله أن يمن علينا وعليكم بقبول توبتنا وأوبتنا إلى ربنا وأن يحول بيننا وبين المعاصي وكل ما يبغض ربنا، فيا أيها الشاب الكريم إذا هممت بأن تعصي ربك وأعددت العدة لذلك وأغلقت الأبواب وأرخيت الستور وحيل بينك وبين المعصية فاحمد الله كثيراً واشكره كثيراً فإن ربك يريد بك خيراً فربك لما أراد بيوسف عليه السلام خيراً عصمه من الوقوع في الفاحشة وصرفها عنه فقال سبحانه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين) عصمنا الله وإياك من الزلل والوقوع في فيما يغضبه سبحانه .
خامساً:
ومن علامات التوفيق أن يوفق العبد لنفع الناس وقضاء حوائجهم كما صح عنه أنه قال (أحب الناس إلى الله أنفعهم ..).
سادساً:
أن يوفق العبد للعناية بكتاب الله تعلما وتعليما (خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) فهنيئاً لك يا من تدرس كتاب الله وتدرسه ويامن تقرأه كل يوم، وأنت يامن فرطت في كتاب الله وتلاوته تدارك نفسك فإن من علامة التوفيق أن توفق لتلاوة كتاب الله حتى تحوز على هذه الخيريه والأجر العظيم.
سابعاً:
أن يوفق العبد للقيام بشعيرة الأمربالمعروف والنهي عن المنكر كما قال جل وعلاكنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) وقال سبحانهولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) فعلق سبحانه الفلاح والتوفيق على من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وجعل الخيرية في هذه الأمة لمن أمر ونهى جعلنا الله وإياكم منهم .
-أن يوفق للإحسان إلى أهله وزوجه (خيركم خيركم لأهله )
ثامناً :
أن يوفق العبد لكريم الخصال وحسن الأخلاق وسلامة الصدر ومحبة الخير للمؤمنين كما جاء في الحديث(إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً ) وحسن الخلق أثقل شيء في الميزان وأما سلامة الصدر من الغل والغش والحسد فهو من توفيق الله للعبد لأنه من أسباب دخول الجنة كما جاء في الحديث والرسول قال ( لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه )تاسعاً:
عدم تدخل الإنسان فيما لايعنيه كالاشتغال بتتبع أخبار الناس وما فعلوا وما أكلوا وما شربوا ، والتدخل في الأمور التي لا يحسنها ونحو ذلك فقد قال النبي : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه ) وجاء في سير أعلام النبلاء في ترجمة الصحابي الجليل أبودجانة المجاهد البطل أنه دخل عليه بعض أصحابه وهو مريض – ووجهه يتهلل – فقيل له :ما لوجهك يتهلل ؟ فقال : ما من عمل شيء أو ثق عندي من اثنتين : كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني ، والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليماً.
عاشراً :
حسن عشرة الإنسان لأهله فقد قال : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) ، فالعبد إذا قضى حوائج أهله وقدمها على الأصدقاء والأصحاب والأقارب كان موفقاً مسدداً فحقهم أولى وأوجب من غيرهم فيجب عليك أخي أن تعطي لكل ذي حق حقه ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفرون إنه هو الغفور الرحيم .
ومن علامات توفيق الله للعبد وهي العلامة الحادية عشرة:
أن يلهم السداد والصواب في الأقوال والأعمال والمواقف وهي الحكمة التي قال الله عنها سبحانه : ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً )
العلامة الثانية عشرة :
أن يوفق العبد وييسر له الجهاد والشهادة في سبيل الله فإنها من أفضل القربات وأعلى المقامات (فضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً) كيف لا والله عزوجل قال عمن استشهد أنه مصطفى ومختار فقال سبحانه وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء ) فاتخذهم الله واصطفاهم وأنعم عليهم بالشهادة في سبيله فاللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك مقبلين غير مدبرين.
فياعبد الله بعد ان تعرفنا على بعض علامات توفيق الله للعبد عليك بأن تلهج بالدعاء لربك صباحا ومساء بأن يوفقك لما يحبه ويرضاه وأن يوفق لخير الأعمال وافضلها عنده سبحانه ، فاللهم وفقنا لما تحب وترضى ياحي يا قيوم